إن أول رجل في التاريخ، حاول أن يبرر نفسه أمام الديان العليم بكل شيء (
تك 3: 12 ) . أما الإنسان الثاني البريء، فلم يبرر نفسه أمام قاضى ظالم من البشر. لقد سكت. ونقرأ عن سكوته في الأناجيل سبع مرات:
"وأما يسوع فكان ساكتاً" (
مت 26: 63 ) .
"لم يُجب بشيء" (
مت 27: 12 ) .
"فلم يجبه ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جداً" (
مت 27: 14 ) .
"أما هو فكان ساكتاً ولم يُجب بشيء" (
مر 14: 61 ) .
"فلم يُجب يسوع أيضاً بشيء حتى تعجب بيلاطس" (
مر 15: 5 )
"وسأله بكلام كثير فلم يُجبه بشيء" (
لوقا 23: 9 ) .
"وأما يسوع فلم يُعطه جواباً" (
يو 19: 9 ) .
ما أعظمك ياربنا المعبود! يا مَنْ قيل عنك "الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضاً،
وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلـِّم لمن يقضى بعدل" (
1بط 2: 23 ) .
ثم
يفقد رئيس الكهنة أعصابه، فيلجأ إلى إجراء حاسم، هو القسم، لإجبار هذا
الصامت المهيب الواقف أمامه على الكلام. "فأجاب رئيس الكهنة وقال له
أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟" (
مت 26: 63 )
. لقد أتى الله بتلك اللحظة لكي يستعلن الدوافع الحقيقية في قلب الإنسان
لرفض ابن الله. لأن إدانة الرب يسوع لم تُبن على شهادات من شهود الزور،
كلا، فإن اتهاماً واحداً من جانب الإنسان لم يكن سبباً في هذه الإدانة،
لكنها كانت بسبب شهادة الحق التي نطق بها ذلك الذي هو "الحق" (
مت 26: 63 ،يو14:
6،يو18: 37). فإذ قد استُحلف وأُلقى عليه القسم، لم يكن ممكناً أن يظل
صامتاً وإلا كان ذلك مخالفاً للشريعة. فعبارة "أستحلفك بالله" تضمنت صيغة
القسم، وحين يلقيها القاضي فهي تُلزم الـمُستحلف أن يؤدى الشهادة (
مت 26: 63 ) . فما أعظم شخصه وهو يقف في وسط كل هذا الخبث والكذب! في سكوته كان هو الإنسان
الخاضع. وفى كلامه كان هو "الشاهد الأمين الصادق". وقد أجاب يسوع قائلاً "أنا هو" (
مت 26: 63 ) ، وقال له يسوع "أنت قلت" (
مت 26: 63 )
. وهكذا نطق بشهادته التي بسببها أُدين كمُذنب ... إنه كالخاضع لناموس
الله والـمُسلـِّم لمشيئة الله الكاملة "وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت
الصليب" (
مت 26: 63 ) .