إن القاعدة العامة التي تعمل بموجبها الذات هي: "احصل
على أكثر ما يمكن، ثم أعطِ أقل ما يمكن إعطاؤه، واحتفظ لنفسك بأكثر ما
يمكن الاحتفاظ به". إن شعار الذات هو: "إن شخصي أحب إلى نفسي من أي شخص
آخر".
ولكن مثل هذه التعبيرات يجب أن ينبذها المؤمن تمامًا،
لأنها ضد الحق على الخط المستقيم. إن الذين يأتون إلى الرب يسوع يجب أن
يقبلوا قوله لهم: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل
صليبه كل يوم، ويتبعني» (
لو 9: 23 ).
إن المُراد بالقول «ينكر نفسه» هنا، ليس كما يفهم الكثيرون أي
حرمان النفس من بعض الأشياء المحبوبة عندها، كلا. إن المُراد هو إنكار
النفس ذاتها. وهذا ليس بحسب الطبيعة، ولكنه بلا شك حسب النعمة، ولا يمكن
معرفته إلا في حالة واحدة، وهي اختبار تلك الحقيقة الهامة اختبارًا
عمليًا، ألا وهي كون النفس قد صُلبت مع المسيح.
إن
الخطية هي التربة التي تنمو فيها الذات، والطمع هو الوسط الذي يساعدها على
النمو، والربح هو الوجهة التي تتجه إليها. وإن أصل كل شر وفساد هو جعل
الذات المحور الذي تدور حوله كل الآمال والأعمال. ولكن على العكس من هذا،
عندما يصبح المسيح محورًا، فإن كل ما يدور حوله من فكر أو قول أو عمل، لا
بد وأن يؤول إلى مجد الله ومنفعة الآخرين.
ما أقبح
الذات، وما أكثر الصور التي تظهر فيها. إنها كالحرباء في تغيرها من حالة
إلى أخرى. توجد نفس متواضعة تفتخر بتواضعها، وكأجاج أمام صموئيل تستطيع أن
تتواضع تملقًا ورياءًا. توجد نفس مُرائية تظهر بمظهر لا يُعبِّر عن
حقيقتها، كيعقوب أمام إسحاق عندما سلب بركة أخيه. توجد نفس طماعة لا يهمها
مَنْ تدوسه إن هي استطاعت الاعتلاء عليه، كيهوذا والصندوق. توجد نفس تطمح
إلى العلو ولا ترضى مُطلقًا إلا بأن تكون في المقدمة، كالفريسيين الذين
أحبوا المتكئات الأولى. توجد نفس معتزة بذاتها، لا يلذ لها إلا الافتخار
والتعظم، ولا تنطق إلا بكلمة "أنا"، كالفريسي الذي دخل الهيكل ليصلي. توجد
نفس شديدة الغيرة لدرجة أنها تنحرف عن الطريق السوي في سبيل تنفيذ
أغراضها. مثل شاول الطرسوسي الذي كان يفتخر جهلاً بغيرته القاسية في أمور
الله. ليتني، مثل أيوب «أرفض (نفسي) وأندم في التراب والرماد»
(
أي 42: 6 ).