Reply لماذا الصليب ؟
إن
الصليب عمق يتعلق بمفاهيم ومعانٍ فى خطة الله لخلاص الإنسان. فمعلمنا بولس
الرسول يقول "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين
فهى قوة الله" (1كو1: 18). لذلك لم يكن الصليب مجرد وسيلة للإعدام.
لماذا مات المسيح مصلوباً :
1 - بالصليب صار هو الكاهن والذبيحة :
لم
يكن السيد المسيح هو مجرد ذبيحة قُدِّمت عن حياة العالم لكنه كان هو
الكاهن وهو الذبيحة فى آنٍ واحد. فإذا كان قد تم ذبحه على الأرض مثلاً؛
سيكون فى هذا الوضع ذبيحة وليس كاهناً. ولكن على الصليب هو يرفع يديه
ككاهن وهو فى نفس الوقت الذبيح المعلّق. فالناظر إليه يراه ككاهن يصلى وفى
نفس الوقت يراه ذبيحاً ويقول "فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو 5 :
7). هو يشفع فى البشرية أثناء تقديمه لذاته كذبيحة. لذلك رآه يوحنا الحبيب
فى سفر الرؤيا مثل "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5: 6).
2- بالصليب كان هو الميت القائم :
كان لابد أن يكون المسيح هو الذبيحة التى ذبحت وهى
تصلى
أى وهى قائمة. فبعدما مات وسلّم الروح على الصليب كان المشهد فى غاية
العجب : إنه ميت وقائم فى نفس الوقت. ذلك لأن المعلّق على الصليب تحمله
رجلاه، لذلك عندما جاءوا ليكسروا ساقى السيد المسيح وجدوه قد أسلم الروح
فلم يكسروهما فهو واقف على قدميه فعلاً، وقد سلم الروح وهو واقف، وهذه
إشارة إلى أنه فى أثناء موته هو القائم الحى. ليس معنى هذا أنه لم يمت
حقاً لكن هذا رمز إلى أن "فيه كانت الحياة" (يو1: 4). فهو قد أسلم الروح
لكن قوة الحياة كائنة فيه. وحتى وهو قائم من بين الأموات كان محتفظاً
بالجراحات لكى نراه مذبوحاً وهو قائم. أى أنه وهو مذبوح : هو قائم، وهو
قائم : هو مذبوح. كما ورد أيضاً فى سفر الرؤيا أنه "خروف قائم كأنه مذبوح"
(رؤ5: 6). فلا يمكن إذاً أن يُحرق أو يموت غريقاً لأن هذه المعانى لن تتفق
فى هذه الميتات.
3- بالصليب صالح الأرضيين مع السمائيين :
هل السيـد المسيـح يمثل الله فى وسط البشر أم يمثل البشر
أمام
الله؟ بالطبع هو الأمران معاً فى وقت واحد. هو إبن الله وهو إبن الإنسان
فى نفس الوقت. بدون التجسد كان السيد المسيح سيبقى إبناً لله والبشر هم
أبناء الإنسان. ولكنه فى تجسده وحّد البنوة لله مع البنوة للإنسان إذ صار
هو نفسه إبناً لله وإبناً للإنسان فى آنٍ واحد. وأراد أن يجعل هناك صلة
بين الله والبشر.
4- الصليب والأنا المبذولة :
علامة الصليب
تشير إلى الأنا المبذولة أو الطاعة الكاملة. فإذا أردنا شطب أو إلغاء أى
خط نضع خطاً متعارضاً مع الخط المراد إلغاءه. فالصليب فى حد ذاته يُعلن
حياة التسليم الكامل لله
5- بالصليب تمت النبوات :
كان الصليب
ضرورة لأن فيه تمت النبوات. إذ يقول داود النبى فى المزمور "ثقبوا يدىّ
ورجلىّ" (مز16:22) "ويقتسمون ثيابى بينهم وعلى لباسى يقترعون" (مز18:22)
"وفى عطشى يسقوننى خلاً" (مز69 :21)... وكل هذه النبوات كيف تتم إلا إذا
صلب؟.
6- بالصليب ملك على خشبة :
قيل عن السيد المسيح المخلِّص "ملك الرب على خشبة" (مز95: 10) فلابد أن تكون أداة موته التى يملك من خلالها على قلوب البشر هى خشبة
ولأنه
قال أن مملكتى ليست من هذا العالم لذلك كان لابد أن تعلّق هذه الخشبة
مرفوعة إلى فوق. ويقول "جعلوا فوق رأسه علَّته مكتوبة هذا هو يسوع ملك
اليهود" (مت27: 37). لذلك كان الصليب هو عرشه بإعتراف الوالى نفسه الذى
كتب: "يسوع الناصرى ملك اليهود" (يو19:19) وقد كتبت بثلاث لغات اللاتينية
واليونانية والعبرانية، بمعنى أن العالم كله قد إعترف رسمياً أن هذا هو
ملك اليهود. ولكى تُعلّق علته فوق رأسه وهو جالس على عرشه كان لابد أن
يموت مصلوباً لأن هذه الأمور لن تتوفر إذا مات مثلاً مذبوحاً أو محروقاً
أو غريقاً